أصل هذه النشرة مقال للخبير العالمي في مجال إدارة الإجراءات روجر تريقير، ترجمها فريقنا بتصرف. نُشر المقال ابتداءً في موقع (Business Rules Journal)، وهو موجود على هذا الرابط.
بدأ التصرف من عنوان المقال، إذ هو في الأصل شيء مختلف تمامًا، لكن ما يهم لفت النظر إليه هو أن كلمة (Process Owner) تُرجمت إلى «ضابط الإجراء» بدل «مالك الإجراء» لما توحي به كلمة «مالك الإجراء» من أن الإجراء برمّته يقع تحت مسؤولية هذا الشخص الحامل لهذا اللقب، وهذا مخالف تمامًا للمعنى المراد كما سيظهر في الصفحات القادمة.
مقدمة
في هذا المقال، أود أن أقدم أفكارًا عملية للإجابة عن السؤال المؤرّق «ماذا على ضابط الإجراء أن يفعل؟» من خلال وصف دورة عمله، وتقديم نظرتي الشخصية وتوصياتي بشأن هذا الدور المثير للجدل.
دور ضابط الإجراء
جولة في عقله
في البداية، سأقدم مراجعة سريعة لنظرتي عن عمل ضابط الإجراء.
في عقل ضابط الإجراء الناجح مجموعة من الأسئلة التي عليه أن يوفر إجاباتها، وهي تمثل عقلية التحسين المستمر. من أمثلة هذه الأسئلة:
- هل هناك أي فجوات في أداء الإجراء (مشكلات أو فرص). والأهم، ما آثار تلك الفجوات؟
- لو كان الأداء الحالي يبدو جيدًا، فما أقصى استفادة يمكن تحقيقها من بعض الأفكار الجديدة؟
- هل يجب أن نتصرف الآن أم لاحقًا؟
لا ينحصر الأمر في المشكلات وأسبابها، وفي الفرص وقيودها، فنحن بحاجة إلى معرفة التأثير الذي ستتعرض له المنظمة نتيجة إصلاح المشكلة أو عدم إصلاحها، ونتيجة إدراك وجود الفرصة أو عدم إدراكها. لذا، يمكن نضيف أسئلةً مثل:
- ما الأسباب الداعية (المسوّغات والحجج) للتغيير في المنظمة؟
- ما الأسباب الداعية لعدم اتخاذ أي خطوة؟ (فقد لا يكون التغيير كافيًا لإحداث تحسين ما).
عمله مع أصحاب المصلحة
يعمل ضابط الإجراء بالتعاون مع أصحاب المصلحة في هذا الإجراء (الأطراف المعنية بالإجراء) على:
- تحديد عدد قليل من مؤشرات الأداء الأساسية (PKPIs). أي الحد الأدنى من مؤشرات الأداء التي تضمن أننا نستطيع معرفة ما إذا كان الإجراء يعمل كما يرغب أصحاب المصلحة أم لا.
- الاتفاق على المستهدفات لكل مؤشر، وطرق قياسه، والأثر المترتب على تحقيق المستهدف أو عدم تحقيقه.
عمله التخصصي
بعد تلك الاتفاقات، يبدأ العمل التخصصي لضابط الإجراء الذي وُجد هذا الدور من أجله، أي:
- مراجعة بيانات مؤشرات الأداء وتحليلها.
- التدخل للحفاظ على أداء الإجراء، أو تحسينه إن لزم.
إذا لم يقم ضابط الإجراء بعمله التخصصي هذا، فكل ما سبق لم يكن سوى مضيعة للوقت.
في أروقة المغسلة
نبذة عن المغسلة
مايك وايت (Mike Whyte) وباربرا برايت (Barbara Brite) يملكان مغسلة ثياب تسمى وايت آند برايت (Whyte & Brite) ويديرانها معًا. المغسلة حاليًا فيها (73) موظفًا، يعملون على نوبتين يوميًا، طيلة أيام الأسبوع.
عندما بدء المشروع، كانا يعملان من المرآب، أما اليوم فلديهما موقع كبير بُني لهذا الغرض، في استثمار قدره ملايين الدولارات أنفقاها على المباني والمعدات.
هناك نوعان من عملاء المغسلة: المؤسسات، والأفراد، وهي تقدم الخدمات نفسها لكلا النوعين، مع اختلاف حجم الطلبات وآليات السداد.
ضابطة الإجراء في المغسلة
باربرا برايت شريكة في ملكية المغسلة، وهي الرئيس التنفيذي لها، لكنها بالإضافة إلى ذلك ضابط إجراء مهم هو [تقديم خدمات المغسلة للأفراد]. نعم، باربرا أكبر مسؤول تنفيذي في المغسلة، لكنها تولت مسؤولية هذا الإجراء لأهميته وحساسيته.
دعونا نرى كيف تعمل نظرية «الإدارة المعتمدة على الإجراءات» في المغسلة، ونرى مركزية دور ضابط الإجراء فيها.
بداية القصة
كما هي العادة الأسبوعية، وصلت بيانات مؤشرات الأداء الرئيسية الخاصة بإجراء [تقديم خدمات المغسلة للأفراد] إلى باربرا. تشير البيانات إلى أن مؤشر التسليم في الوقت المحدد يظهر تدهورًا كبيرًا!
بذلت باربرا جهودًا إضافية، مثل: تحليل المزيد من البيانات، وعقد بعض النقاشات مع موظفي العمليات، ومراقبة أداء الإجراء في الميدان. وقد ظهر لها وجود مشكلة، وظهر أن هذه المشكلة سيكون لها تأثير خطير إذا لم تُصحح على وجه السرعة. وأن هناك ضرورة لاتخاذ تدبير ما.
عرضت باربرا نتائج تحليلاتها في الاجتماع الأسبوعي لأصحاب المصلحة في الإجراء (التي تتألف من المديرين وأهم الموظفين المشاركين في تنفيذ الإجراء). تضم هذه المجموعة في حالتنا: مدير عمليات غسل الثياب، ورئيس عمال غسل الثياب، وكبير مسؤولي العملاء، ومدير خدمة العملاء. توافق أصحاب المصلحة على ما يلي:
- إسناد إدارة مشروع تحسين الإجراء إلى مدير عمليات غسل الثياب.
- إسناد قيادة الورش إلى سفير الإجراء (Process Ambassador) المعتمد من قسم خدمة العملاء، لما يتمتع به من مهارة عالية في تيسير الورش والاجتماعات (Facilitation skills).
- تمويل تكاليف مشروع تحسين الإجراء من ميزانية قسم العمليات.
تنفيذ مشروع تحسين الإجراء
خلال أسبوعين، عمل الجميع في مشروع تحسين الإجراء، وقد احتوى على: ورش تضم أصحاب المصلحة، وجلسات مع العملاء، وجلسات مع خبراء آخرين مختصين. وقد ظهر في تقرير مشروع التحسين ما يلي:
- المشكلة بمزيد من التفصيل.
- أسباب المشكلة.
- تأثير عدم إصلاح المشكلة.
- مشروع منبثق عن مشروع تحسين الإجراء لإحداث تغييرات لتصحيح المشكلة.
ناقش أصحاب المصلحة المهام المنبثقة، ووافقوا عليها في اجتماعهم الأسبوعي.
تنفيذ المشروع المنبثق
طُلب من رئيس عمال غسل الثياب أن يدير المشروع المنبثق، وقد اتفق أصحاب المصلحة على تمويل المشروع الجديد بالتشارك بين ميزانيات ميزانية العمليات وميزانية خدمة العملاء.
وُضعت خطط مُفصّلة لإدارة المشروع وإدارة التغيير وفق إطار العمل المعتمد لإدارة المشاريع في المغسلة، واستغرق المشروع شهرين كاملين. ولم تتوقف باربرا -خلال ذلك- عن متابعة بيانات الأداء الأسبوعية، والاجتماع أسبوعيًا مع أصحاب المصلحة.
بعد اكتمال تنفيذ المشروع المنبثق، صارت باربرا (مع أصحاب المصلحة) تبحث في بيانات الأداء عن إجابة سؤال: هل كان التغيير فعالاً أم لا؟
هل كان التغيير فعالًا؟
أثناء الأشهر التي عمل فيها الفريق على مشروع التحسين والمشروع المنبثق عنه، كان فريق التسويق يدير حملة تسويقية ناجحة، أدت إلى زيادة الإقبال على المغسلة بنسبة (22%)، مما أدى إلى ضغوط إضافية على الإجراء!!
في بداية هذه الضغوط، بدا وكأنه لا بد من مشروع تحسين إجراء جديد! إلا أن بيانات الأداء أظهرت أداء جيدًا، وهو ما أثبت أن مشروع التحسين والمشروع المنبثق عنه قد حققا النجاح المنشود.
وهكذا، تواصل مغسلتنا عملها في إدارة الإجراء وتحسينه باستمرار.
مبادئ إرشادية ووقائية
فيما يلي بعض الاقتراحات الموجزة التي ستمنح ملّاك الإجراءات والمنظمات أفضل فرصة لتحقيق النجاح المستدام.
اختر الشخص المناسب
جزء كبير من عمل ضابط الإجراء يتمحور حول تيسير التعاون بين مجموعة من الموظفين، وليس أي شخص يستطيع فعل هذا.
اختره من المستوى التنظيمي المناسب
تخيل اجتماع ضابط الإجراء مع مديري الإدارات الذين يعمل تحتهم الموظفون المنفذين لأعمال الإجراء. حتى يكون هذا الاجتماع فعالاً، ينبغي أن يكون المشاركون فيه متقاربين في المستوى التنظيمي.
لا تمنحه أي سلطة أو صلاحية
ضابط الإجراء مسؤول -عادةً- عن متابعة إجراءٍ عابرٍ لعدة وحدات إدارية.
- ما دام ضابط الإجراء ليس لديه أي سُلطة إضافية بتولّي هذا الدور، فلن يتغير شيء في الصلاحيات والمسؤوليات، فكل مدير له سلطة وصلاحية على وحدته الإدارية، وهو المسؤول عنها وعن نتائجها.
- أما إذا أعطيته صلاحيةً معينة، فستضيع بوصلة الصلاحيات والمسؤوليات.
ضابط الإجراء يمارس التأثير في أصحاب المصلحة، لكنه تأثير خالٍ من السُلطة والصلاحية.
صمم عملية التصعيد
صمم عملية التصعيد التي تسمح للجميع بمخاطبة سلطة أعلى إذا أصيب التعاون بحالة جمود. هذه العملية قد يحتاج إليها أي شخص: ضابط الإجراء، أو مكتب إدارة الإجراءات، أو مدير إدارة ما، أو أصحاب المصلحة الآخرين.
قدّم الدعم
قدم الدعم لملّاك الإجراءات الجدد، وكذلك لملّاك الإجراءات القدامى. لا تنس أن هذا الدور جديد على الجميع، ومختلف عن العمل المألوف لدى أكثر الناس.
ضابط الإجراء هو محور «الإدارة المعتمدة على الإجراءات» التي تحقق النجاح والاستدامة، وإذا أدى دوره كما ينبغي، فإنه يتيح فرصًا جديدة لتحسين الأداء، أما إذا قصّر في ذلك، فإن حرف الباء في «الإجراء العابر للوحدات الإدارية» سيغدو ثاءً!!