مقدمة
تمتلك المنظمات مصدرًا داخليًا ثريًا من المعرفة، ألا وهو الموظفون. إلا أن هذا المصدر -في كثير من الأحيان- لا يُستثمر أفضل استثمار، إما لغياب الوعي بأهميته، أو لغياب المهارات، أو لغياب الأدوات اللازمة لاستثماره.
وإذا توفرت البيئة المناسبة (وعي ومهارات وأدوات) فإن العائد على استثمار رأس المال الفكري المعرفي قادر على تعزيز الموقف التنافسي، وتمكين التميز المؤسسي، بل وعلى رفع سعر أسهم الشركات المطروحة في سوق الأسهم، لارتفاع قيمة أصولها غير الملموسة.
هذه البيئة تصبح أكثر خصوبة في المنظمات التي تتبنى إدارة إجراءات العمل كمنهج إداري شامل، فتتكامل الجهود من جميع الأطراف، لتصل بالمنظمة إلى التميز المطلوب.
تعريف إدارة المعرفة
تشير المصادر إلى نحو مئة تعريف لإدارة المعرفة المؤسسية، حاول الزوجان جيرارد تلخيصها في قولهما إنها:
مجموعة الطرق المتعلقة بالمعرفة والمعلومات في المنظمة، من حيث إنشائها، ومشاركتها، واستخدامها، وإدارتها.
وهناك تعريف آخر قريب يقول إن إدارة المعرفة المؤسسية هي مجموعة عمليات تصب اهتمامها على معارف الموظفين وخبراتهم، فتعمل على:
أبرز منافع إدارة المعرفة
إدارة المعرفة في المنظمات ليس مجرد صيحة جديدة من الصيحات الإدارية، ولكنه جهد منظم له أهدافه الداعمة للإستراتيجيات المؤسسية، وله منافعه العظيمة التي تعود على المنظمة وعلى أفرادها. من ذلك:
أنواع المعرفة
هذا التقسيم الثنائي هو التقسيم الذي اعتمده مايكل بولاني (فيلسوف واقتصادي مجري بريطاني متوفى عام 1976 م)، وقد جاءت بعده تقسيمات أخرى مختلفة عديدة.
من التقسيمات التي جاءت بعد تقسيم بولاني بعدة سنوات، التقسيم الثلاثي الذي اقترحه فريد نيكولاس (استشاري أمريكي معاصر) فقد فضّل التقسيم على النحو التالي:
- معرفة معبَّر عنها (موثقة في الغالب)، وهي التي أبقى عليها اسم (Explicit).
- معرفة غير مُعبَّر عنها، وقد قسّمها إلى قسمين:
- معرفة يسهل التعبير عنها، ووصفها بـ (Implicit).
- معرفة يصعب التعبير عنها، ووصفها بـ (Tacit).
أهم إجراءات إدارة المعرفة
إذا كان لديك في منظمتك إجراء كبير اسمه [تعزيز المعرفة]، فقد تكون أبرز الإجراءات المندرجة تحته على النحو التالي:
- تخطيط المعرفة
- تكوين المعرفة
- نشر المعرفة
- التوعية بإدارة المعرفة
وإذا تناولنا إجراء [نشر المعرفة] بشيء من التفصيل، فقد ينتج لنا تحته إجراءات فرعية مثل:
- تحديث صفحة المعرفة: إجراء مستمر للعناية بصفحة المعرفة في الشبكة الداخلية للمنظمة.
- إرسال رسائل المعرفة: إجراء أسبوعي، لانتقاء بعض محتوى صفحة المعرفة، ونشره في وسائل التواصل الداخلي.
- عقد اللقاء تبادل الخبرات: إجراء شهري، تُنقل فيه المعرفة والخبرة والمهارة بين أعضاء المنظمة.
- نشر ملخص كتاب: إجراء نصف شهري، يُختار فيه كتاب نافع لمعظم منسوبي المنظمة، ويُلخَّص، ويُنشَر.
- نشر مقتطفات نظامية: اختيار نصوص من النظام، أو اللائحة التنفيذية، أو المراسيم والأوامر الملكية، التي يحتاج إليه معظم الموظفين في أعمالهم.
- عقد جلسة الكلمة الأخيرة: جلسة تُعقد لكل موظف يتقاعد أو يستقيل بعد عدد معين من السنوات، لنقل خلاصة خبرته في المنظمة لزملائه وللجيل الجديد.
- تهيئة القائد الجديد: مجموعة من المحاضرات والكتب القيادية، تُهدى للموظف التي يترقى إلى منصب إداري أو قيادي لأول مرة.
إدارة الإجراءات عامل مُعزز لإدارة المعرفة
نبذة عن إدارة إجراءات العمل
إدارة إجراءات العمل هي الفرع المعرفي الإداري، المعنيّ بتحسين الأداء المؤسسي عن طريق:
النظر إلى المنظمة على أنها مجموعة من الإجراءات التي تقدم المنفعة للمستفيدين، والنظر إلى بقية العناصر (من موظفين وأنظمة وأجهزة) على أنها ممكّنات لهذه الإجراءات.
تندرج تحت إدارة إجراءات العمل العديد من الممارسات والأدوات والمنهجيات، مثل:
- بناء هيكلية الإجراءات وتحديثها (ممارسة)
- توثيق الإجراءات (ممارسة)
- قياس أداء الإجراءات (ممارسة)
- تحسين الإجراءات (ممارسة)
- أدوات رسم الإجراءات و رقمنتها (أدوات)
- أدوات أتمتة الإجراءات وتحليل أدائها (أدوات)
- لغات نمذجة الإجراءات المختلفة (منهجيات)
- منهجيات تحسين الإجراءات بدرجاتها المختلفة (منهجيات)
فيما يلي، سنتناول بعض هذه العناصر، ونبيّن كيفية تعزيزها لإدارة المعرفة.
تعزيز المعرفة عن طريق توثيق الإجراءات
ممارسة [توثيق الإجراءات] ممارسةٌ مزدوجة، تنتمي إلى حقل إدارة إجراءات العمل، وتنتمي -في الوقت ذاته- إلى حقل إدارة المعرفة. فالمعرفة الموجودة في أذهان الموظفين الذين يمارسون الإجراءات، تحتاج إلى من يستخرجها من أذهانهم، ويرسمها في رسمة واضحة، ويضيف إليها شروحًا نصية، ثم يأخذ اعتمادهم عليها، ليجعل من دليل الإجراء (الناتج عن توثيق الإجراء) أحد الأصول المعرفية المؤسسية.
تعزيز المعرفة عن طريق قياس أداء الإجراءات وتحسينها
ممارسة [قياس أداء الإجراءات]، وممارسة [تحسين الإجراءات]، ممارستان مختلفتان، لكنهما متصلتان. ويتأكد اتصالهما حين نتحدث عن المعرفة، فنحن نجمع المعلومات والبيانات عن الإجراء دوريًا، وإذا اقتضى الأمر، فإننا نخوض في عملية تحسين مليئة بتحليل المشكلات وتوليد الحلول، مما ينتج دروسًا مستفادة (تعلمناها من البيانات أو من تحليل المشكلات). توثيق هذه الدروس ونشرها، يكوّن مادةً ثرية لتعزيز المعرفة في المنظمة.
تعزيز المعرفة عن طريق أدوات رسم الإجراءات ورقمنتها
أدوات رسم الإجراءات ورقمنتها ما هي إلا أداة من أدوات نشر المعرفة، فهي تسمح بتوثيق المعرفة الموجودة في أدلة الإجراءات رقميًا، ثم تتيح تلك المعرفة لكل من يحتاج إليها (وفق عملية نشر محوكمة)، وتسهّل البحث فيها للوصول إلى المعلومة المطلوبة، بل وتسمح بعمل تحليلات متقدمة تساعد في اتخاذ قرارات ناضجة.
الخلاصة
التوأمة بين إدارة إجراءات العمل وإدارة المعرفة تظهر في:
- وحدة الأهداف
فكلا الحقلين يسعى إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية المؤسسية، وتعزيز التميز المؤسسي.
- تبادل الخدمات
فإدارة الإجراءات تخدم إدارة المعرفة، وتوفر لها إجراءات كبرى وإجراءات فرعية مفصلة. في المقابل، فإن إدارة المعرفة تخدم إدارة الإجراءات، وتوفر لها المعرفة اللازمة لبناء ثقافة إجراءات جيدة.
- التشارك في الأدوات والممارسات
فكثير من الأدوات والممارسات تدعم كلا الحقلين في الوقت نفسه.
المصادر
- مقدمة إلى إدارة المعرفة – المهند السبيعي
- موقع الاستشاري فريد نيكولاس.
- موقع جامعة تالين للتكنولوجيا في جمهورية إستونيا.
- Defining knowledge management: Toward an applied compendium by John Girard and JoAnn Girard.
- The tacit dimension by Polanyi, M. (1966).